حقوق الزوجة على زوجها
حقوق الزوجة على زوجها
قال تعالى: « يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً « سورة النساء (19).
إن دين الإسلام الحنيف الذي عني بمصالح البشرية وبمصالح كل ذي نفس رطبة، ورتّب أمور البشرية ونظم علاقات بعضهم ببعض جماعات وفرادى وأبان ما لبعضهم على بعض من حقوق لازمة وضرورية قد أبان فيما أبان واضحاً وجلياًّ علاقة الزوج بزوجته فالمسلم يعترف بالآداب المتبادلة بين الزوج وزوجته هي حقوق كل منهما على صاحبه في ذلك لقوله تعالى: « ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة » فهذه الآية قد أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه وخصّت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات خاصة غير أن هذه الحقوق بعضها مشترك بين كل من الزوجين وبعضها خاص بكل منهما على حدة وأقتصر في حديثي هذا على بيان حقوق الزوجة على الزوج.
فأول تلك الحقوق يجب عليه أن يحسن عشرتها وليبُرها فيما أحل الله لها… لا فيما حرّم – ولا سيما إذا كانت حديثة السن لقوله صلى الله عليه وسلم: « خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ». وقوله في خطبة الوداع: « ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم (أسيرات) ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرّح فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ».
فكل خصلة قبيحة فهي فاحشة من الأقوال والأفعال والمراد النشوز وشكاسة الخلق وإيذاء الزوج وأهله باللسان واليد لا الزنا إذ لا يناسب قوله ضرباً غير مبرح… إلا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن.
إذن فمن الآداب أن يعاشرها بالمعروف لقوله تعالى: « وعاشروهن بالمعروف » فيطعمها إذا أطعم ويكسوها إذا اكتسى ، ويؤدبها إذا خاف نشوزها بما أمر الله أن يؤدب النساء بأن يعظها في غير سب ولا شتم ولا تقبيح وخصوصاً أمام أهله وإخوانه وأصدقائه، فان أطاعت وإلا هجرها في الفراش فان أطاعت وإلا ضربها في غير الوجه ضرباً غير مبرح فلا يسيل دماً ولا يشين جارحة أو يعطل عمل عضو من الأعضاء عن أداء وظيفته لقوله تعالى: » واللاتي يخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً » ولقوله صلى الله عليه وسلم: للذي قال له ما حق زوجة أحدنا عليه؟ فقال: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إن اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت »!
ثم أن يعلمها الضروري من أمور دينها إن كانت لا تعلم ذلك أو أن يأذن لها أن تحضر مجالس العلم لتتعلم ذلك إذ حاجتها لاصلاح دينها وتزكية روحها ليست أقل من حاجتها إلى الطعام والشراب الواجب بذلهما وذلك لقوله تعالى: « يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً » والمرأة من الأهل ووقايتها من النار بالإيمان والعمل الصالح، والعمل الصالح لا بد له من العلم والمعرفة حتى يمكن أداؤه والقيام به على الوجه المطلوب شرعاً ولقوله صلى لله عليه وسلم: « استوصوا بالنساء خيراً » ومن الأستوصاء بها خيراً أن تعلم ما تصلح به دينها وأن تؤدب بما يكفل لها الاستقامة وصلاح الشأن.
وعليه أيضاً / أن يلزمها بتعاليم الإسلام وآدابه وأن يأخذها بذلك آخذاً فيمنعها أن تسفر أو تتبرج ويحول بينها وبين الاختلاط بغير محارمها الرجال.
كما عليه / أن يوفر لها حصانة كافية ورعاية وافية فلا يسمح لها أن تفسد في خلق أو دين ولا يفسح لها المجال أن تفسق عن أوامر الله ورسوله أو تفجر إذ هو الراعي المسؤول والمكلف بحفظها وصيانتها قوله تعالى: « الرجال قوّامون على النساء » وقوله صلى الله علية وسلم: « الرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته » وكذلك عليه / أن يعدل بينها وبين ضرّتها – ان كان لها ضرّة – يعدل بينهما في الطعام والشراب والسكن والمبيت في الفراش وأن لا يحيف ( يظلم) في شيء من ذلك أو يجور أو يظلم إذ حرّم الله سبحانه ذلك في قوله تعالى: « فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة ». وهذا عدل مشروط وأما العدل المقطوع فلا يملك له سبيلاً وهو السبيل القلبي إلى إحداهن لقوله صلى الله عليه وسلم: » اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك » لذلك مما حرمة الله نشر أسرار المرأة في هذه الحالة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « إن شر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ».
واعلموا أن مما حرمه الله تحريماً مغلظاً إلجاء( اجبار) الزوج لزوجته التي يكرهها إلى الافتداء منه أو مماطلتها فيما شرط لها عند العقد لقولة سبحانه: « وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثما مبيناً ». والرسول يقول: » إن أحق الشروط أن يوفي ما استحللتم به الفروج ».
فاتقوا الله واسلكوا مع الزوجة مسلك الوسط فلا تقصير في حقها ولا غلوّ معها (لا إفراط ولا تفريط) بحيث يُطْلق لها الزمام وتصبح هي ولية أمر الرجل، وموجهته فيما أحب أو كره ، فيدني من أدنت ، ويصل من وصلت ، ويقطع من قطعت؛ فذلكم حرام وارتفاع بها عما هيئت له كزوجة طائعة لا آمره مطاعة. ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.. والمعنى هنا واسع ويحتاج الى تفصيل ، ومن وجوب إحسان العشرة كذلك / ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله في سفر وهي جارية قالت « لم أحمل اللحم ولم أبدن (كناية عن كبر السن) فقال لأصحابه تقدّموا فتقدموا ثم قال تعالي أسابقك فسابقته فسبقته على رجلي، فلما كان بعد خرجت معه في سفر فقال لأصحابه تقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالي اسابقك ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم وبدنت فقلت كيف أسبقك يا رسول الله وأنا على هذا الحال؟ فقال لتفعلن فسابقته فسبقني فجعل يضحك وقال هذه بتلك السبقة ». لتعلم يهود أن في ديننا فسحة.
وقالت أيضاً / إن كان رسول الله ليؤتى بالإناء فاشرب منه وأنا حائض ثم يأخذه فيضع فاه على موضع في، وان كنت لآخذ العرق (العظم وما علية من اللحم) فآكل منه ثم يأخذه فيضع فاه على موضع فيَ.
لذلك احذر من عاد إلى أيام الجاهلية وأيام الرومان واليونان عندما كانت المرأة تحيض فلا تؤاكل ولا يشرب معها ويعتزلها وتربط كالدابة خارج المنزل حتى تطهر.
وعن جابر بن عبد الله وجابر بن عمير قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كل شيء ليس فيه ذكر الله فهو لغو وسهو ولعب إلا أربع خصال ملاعبة الرجل أهله (امرأته) وتأديب الرجل فرسه ومشيه بين الغرضين (الهدفين) وتعليم الرجل السباحة ».
هذا نموذج مما جاء في الشرع في بيان ما يجب للزوجة على زوجها وان العقل السليم والضمير المنصف واجماع الأمة ليحرمن ظلم الزوجة وهضمها بغير حق. وكيف أيها المسلمون تستسيغ نفس زوج ذي عقل ومروءة ورحمة ظلم امرأة ضعيفة نشأت بعيدة عنه وغب التقائهما على كلمات الله امتزجت علاقتهما باللحم والدم وسكنت نفس كل منهما إلى الآخر لقوله تعالى: « ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا » ومع هذه المودة والرحمة التي نطق بها القرآن ويشهد بها واقع بني الإنسان والتي كثيراً ما تسبق إلى زوجها قبل أبويها أو ولديها تضحى رهينة طاعة زوجها وخادم بيته ومتعة نفسه وموضع حرثه الذي يحرث فيه فينجب له من الولد من يبره أو يشفع له وذلكم واقع ومشاهد ملموس لا ينكره أحد أفبعد هذاوإدراك واقع الزوجة ومعرفة ما ورد في شأنها من النصوص يجرؤ رجل لديه مسكة من عقل أو دين على مضارة زوجه أو مضايقتها أو نيلها بإهانه أو هضم أو كسر اعتبار بغير حق.
كلا لا أخال ذلكم يصدر عن عاقل وبئس ذلك الرجل الذي يظلم زوجته والله يقول: « فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه »
فاتقوا الله ، وأدوا ما أوجبه الله عليكم لنسائكم تسعدوا ويصلح أمركم ويسود بيوتكم التفاهم والمودة والوئام.
اتقوا الله فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله (الزواج) فعاملوهن بالحسنى والمعروف والصبر والمصابرة عليهن والتغاضي عن بعض ما يجب لكم عليهن لا التغاضي في أمور الدين. فان استقامتهن وكمالهن مستحيل إذ العوج من اصل خلقهن كما قال الحبيب: « استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وان اعوج شيء في الضلع أعلاه فان ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها وان استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج.
وتفاديا لما قد يجره عوجهن مما لا تحمد عقباه من فرقه لم ترد أو غرس أو بغض وعداء في نفس شريكة حياته يقول الرسول: « لا يفرك (لايبغض) مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا رضي منها آخر.
والله أسأل أن يسير بنا قدما لما يحبه ويرضاه ،،،