حقوق الزوج على زوجته
حقوق الزوج على زوجته
قال تعالى: « الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله » سورة النساء (34).
تبين الآية الكريمة أن على المرأة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به في حدود استطاعتها فان هذا مما فضّل الله به الرجال على النساء لقوله تعالى: « الرجال قوامون على النساء » ولقوله تعالى: « وللرجال عليهن درجة ». وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة مؤكدة لهذا المعنى ومبينة بوضوح ما للمرأة وما عليها إذا هي أطاعت زوجها أو عصته وفيما يلي إيراد بعضها لعلّ فيها تذكيراً لنساء زماننا فقد قال تعالى: « وذكّر فان الذكرى تنفع المؤمنين ».
الحديث الأول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا يحل لامرأة أن تصوم وفي رواية (لا تصم امرأة ) وزوجها شاهد (حاضر في البلد مقيم غير مسافر) إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه. وهذا خاص بصيام النافلة أما إذا كان الصوم في رمضان فذلك فرض لا يحتاج إلى إذن.
الحديث الثاني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه (كناية عن الجماع) فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح وفي رواية حتى ترجع، وفي أخرى حتى يرضى عنها. إذن على المرأة أن لا تمنع زوجها الاستمتاع بها بلا عذر شرعي بعد إيفائها معجّل مهرها.
الحديث الثالث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حقّ ربها حتى تؤدي حقّ زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه نفسها » والقتب للجمل وهو إكاف البعير وهو رحل صغير على قدر السنام. وهذا الحديث فيه حث الزوجات على مطاوعة أزواجهن وأنه لا يسعها الامتناع في هذه الحال فكيف في غيرها.
الحديث الرابع: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو دخيل يوشك أن يفارقك إلينا ».
الحديث الخامس:عن حصين بن محصن قال حدثتني عمتي قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال أي هذه! أذات بعل؟ قلت نعم قال كيف أنت منه قالت ما آلوه إلا ما تحجزت عنه (لا أقصّر في طاعته وخدمته) قال فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك. وقال رسول الله: « إذا صلّت المرأة خمسها وحصّنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت…)
ثم إن مما يجب على المرأة خدمة زوجها، و مما لا شك منه أن من أول ما يدخل في ذلك الخدمة المنزلية وما يتعلق بها من تربية أولاده ومن أعمال بيته من تنظيف وترتيب وطهي وغسيل وكيّ ورعاية لأطفاله وهي مهمة الأمومة التي كرّمها الله بها وتستغني عن الخادمة التي لم تأل جهداً في فساد عقيدة أبنائكم فكثير تركوا أولادهم عند الخادمة وعادوا وإذا بالأولاد يعبدون النار (على شمعة). ثم أن نتخلص من الكماليات إن لم يكن ذلك بمقدور زوجها!
ثم عليها صيانة عرض زوجها والمحافظة على شرفها ورعاية ماله وولده وسائر شؤون منزله لقوله تعالى: « فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ». وقوله صلى الله عليه وسلم: « والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ».
وكذلك عليها أن تتحمل معه شظف العيش وقساوته كما تتمتع معه بيسير الحياة ورخائها وتكرّس القسم الأكبر من وقتها لتأمين راحته وأن لا ترهقه بالطلبات بمناسبة وبدون مناسبة وعليها أن تبرّ والديه وأهله وأن تقوم بتوقيرهم واحترامهم وأن تتحمل الكثير من مشاكل الأهل وخصوصاً والدة الزوج التي تغار من الكنّة عادة لأنها سلبتها عطف وحب وحنان ولدها وأن تحرص كل الحرص على أسرار الأسرة وعدم إفشائها ليرتاح الزوج اقتصادياً وجسمياً ونفسياً.
وأذكركم بما جاء في السيرة: بعدما ماتت أم إسماعيل ذهب إبراهيم عليه السلام يطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر في ضيق وشدّة فشكت إليه قال فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغيّر عتبة بابه فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال هل جاءكم من أحد؟ قالت نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا فأخبرته أننا في جهد وشدّة قال فهل أوصاك بشيء؟ قالت نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول غيّر عتبة بابك – قال ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك وطلّقها وتزوج منهم بأخرى
وعليها لزوم بيت زوجها فلا تخرج منه إلا بإذنه ورضاه، وغضّ طرفها أي عينها وخفض صوتها وكف يدها عن السوء ولسانها عن النطق بالفحش والبذاء حيث أساءت إلى والديه وأقاربه وذلك لقوله تعالى: « وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ». وقوله سبحانه: « فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ». وقوله سبحانه: « لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ». وقوله تعالى: « وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ». وقوله صلى الله عليه وسلم: « أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها كانت في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو يرضى عنها زوجها ». وقوله صلى الله عليه وسلم: « خير النساء التي إذا نظرت إليها سرّتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك ».
وإليكم وصية أب حكيم لابنته عند زفافها:
روى صاحب قوت القلوب، والبيهقي في الشعب عن أسماء بن خارجه الفزاري – وكان من حكما العرب أنه قال لابنته عند زفافها إلى زوجها: يا بنية قد كانت والدتك أحق بتأديبك منيّ أن لو كانت باقية، أما الآن فأنا أحقّ بتأديبك من غيري فافهمي عني ما أقول: انك خرجت من العش الذي فيه درجت وصرت إلى فراش لا تعرفينه وقرين لا تألفينه،
- فكوني له أرضاً مطيعة أو ذليلة منقادة أو هينة يكن لك سماء ظليلة (يظل عليك برأفته ورفقه ويمط عليك بإحسانه ونعمه).
- كوني له مهاداً (فراشاً) يكن لك عماداً (تستندين عليه).
- وكوني له أمةً يكن لك عبداً، ولا تلحفي به (لا تلحيّ عليه في شيء) ولا تباعدي عنه فينساك (لا تمتنعي عنه في الفراش فيغفل عنك) فان من بعد عن العين بعد عن القلب أن دنا منك فادني منه (بالمداعبة والانبساط) وان نأى عنك (يقبض وهيبه) فابعدي عنه (كوني من فلتاته على حذر) واحفظي أنفه وسمعه وعينيه فلا يشم منك إلا طيّباً ولا يسمع إلا حسناً ولا ينظر إلا جميلاً (إشارة إلى حسن الهيئة).
· و ليلة ابتنائي بها
خذ العفو مني تستديمي مودّتي
ولا تنطقي في سورتي حين أغكوني كما قلت لأمكضب
ولا تضربيني مرة بعد مرة
فانك لا تدرين كيف المغيب
ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهوى
فيأباك قلبي والقلوب تقلّب.
فاني رأيت الحب في الصدر والأذى
إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
ولما تزوج الحارث بن عمرو ملك كندة ابنة عوف بن محلم الشيباني وأرادوا أن يحملوها إلى زوجها قالت لها أمها:
أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال أي بنية انك فارقت الجو الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفينه وقرين لم تألفينه فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً فكوني له أمةً يكن لك عبداً وشيكاً يا بنية احملي عني عشر خصال تكن لك ذخراً وذكراً
الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينه على قبيح ولا يشم منك إلا طيب ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود، التعهد لوقت طعامه والهدوء عند منامه، فان حرارة الجوع ملهبه وتنغيص النوم مبغضة، والاحتفاظ ببيته وماله، والارعاء على نفسه وحشمه وعياله فان الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والارعاء على العيال والحشم جميل حسن التبدير، ولا تفشي له سراًّ ، ولا تقصي له أمراً، فانك ان أفشيت سره لم تأمني غدره، وان عصيت أمره أوغرت صدره، ثم اتقي مع ذلك الفرح إن كان فرحاً ، والاكتئاب عنده إن كان فرحاً فان الخصلة الأولى من التقصير والثانية من التكدير، وكوني أشدً ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة يكن أطول ما تكونين له مرافقة واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت والله خير لك.
فحملت فسلمت إليه فعظم موقعها منه وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا اليمن بعده – وهكذا تكون الأمهات ويكون الآباء الحكماء.
هدية المرشدين / الشيخ علي محفوظ ص 284، 285
إرشاد المحتاج لحقوق الأزواج / محمد أمين الكردي ص 21
كتاب المستطرف ص 276 ج 2
جمهرة خطب العرب ص 296 ج 1